يحظى لبنان بثروة نفطية وغازيّة هائلة. ثمة معلومات موثوقة بأن الرقعة block رقم 4 الكائنة في المياه الاقليمية اللبنانية بين جبيل والبترون تحتوي أضخم حقل للنفط والغاز في العالم من شأنه ان يدّر على البلاد مردوداً مذهلاً يربو على 110 مليارات دولار شهرياً .
سواء كان هذا الرقم دقيقاً او مبالغاً فيه ، فإن حكومات لبنان المتعاقبة ناهيك عن ثقافة الفساد المستشرية تسببت في التأخير بمباشرة التنقيب عن النفط والغاز في المياه الإقليمية على طول الساحل اللبناني .
الى ذلك ، ثمة معوّقات وتحديات شتى تكتنف مسألة التنقيب عن النفط والغاز في مياهنا ، لعل أهمها خمسة :
اولها ، عدم إتفاق اركان المنظومة الحاكمة على تقاسم المنافع والحصص الناجمة عن مردود بيع النفط والغاز.
ثانيها ، الخلاف بين اركان المنظومة الحاكمة حول الرُقَع blocks التي يقتضي البدء بالتنقيب فيها. ذلك ان بعضهم يريد البدء بالرُقَع الجنوبية لكونها غزيرة المخزون فيما البعض الآخر يريد البدء بالرُقَع الشمالية لتفادي الصراع لكونها بعيدة عن منشآت النفط والغاز الإسرائيلية المحاذية للمياه الإقليمية اللبنانية في جنوب البلاد.
ثالثها ، الضغط الذي تمارسه الولايات المتحدة على شركات الحفر والتنقيب الغربية لعدم العمل مع لبنان قبل تسوية نزاعه مع "اسرائيل" على ترسيم الحدود البحرية بينهما.
رابعها ، إرتكاب المنظومة الحاكمة خطأً فادحاً في ترسيم حدود لبنان البحرية مع قبرص بإعتمادها الخط رقم 1 بدلاً من الخط رقم 29، كما تهاونت في تصحيح هذا الخطأ بامتناعها عن تعديل المرسوم 2011/6433 وإبلاغ الامم المتحدة التصحيح المطلوب بالمرسوم الجديد بغية المحافظة على حقوق لبنان السيادية في مياهه الإقليمية.
خامسها ، ولعله اخطر التحديات ، عزم "اسرائيل" على المباشرة في إنتاج النفط والغاز من حقل "كاريش" الذي يقع اكثر من ثلثه في المنطقة الاقتصادية الخالصة اللبنانية بعدما استحضرت سفينة الإنتاج FPSO لبدء شفط (سحب) الغاز منه. وكان حزب الله قد هدّد بلسان امينه العام السيد حسن نصر الله باستخدام القوة لمنع "اسرائيل" من التنقيب عن النفط والغاز واستخراجهما من المنطقة المتنازع عليها مع لبنان.
اذ يناشد الحكام المتهاونون الولايات المتحدة إعادة وسيطها عاموس هوكشتاين الى المنطقة لإحياء المفاوضات المتوقفة مع "اسرائيل" برعاية الامم المتحدة، يصرّ فريق كبير من اللبنانيين الاحرار على مطالبة اركان المنظومة الحاكمة بتثبيت حقوق لبنان السيادية بدءاً بتعديل المرسوم 2011/6433 لتكريس الخط 29 حدّاً جنوبياً للمياه الإقليمية اللبنانية بحيث يصبح حقل "كاريش" ، كله او معظمه ، ضمن المنطقة الإقتصادية اللبنانية الخالصة وبالتالي في منطقة متنازع عليها يمتنع على "اسرائيل" إستخراج نفطها وغازها قبل إنتهاء المفاوضات بشأنها .
إذ يدعم المنتدى الإقتصادي الإجتماعي هبّة القوى الوطنية الحيّة للدفاع عن سيادة البلاد وثروتها النفطية والغازيّة في وجه العدوان " الإسرائيلي " المتجدد ، يهيب بها التمسك بالمواقف والتدابير العملية الآتية :
اولاً : الإصرار على تثبيت حقوق لبنان في مياهه الإقليمية بوجه المطامع " الإسرائيلية " وذلك بتعديل المرسوم 2011/6433 لتكريس الخط 29 حداً جنوبياً للمياه الإقليمية اللبنانية جنوب البلاد ، وابلاغ الامم المتحدة مرسوم التعديل الذي يحمي حقوق لبنان السيادية والتمسك به اساساً لأي مفاوضات تجري مجدداً برعايتها .
ثانياً : عدم التعويل على وساطة الولايات المتحدة في المفاوضات بل الإستناد الى وحدة موقف شعب لبنان كمرتكز للدفاع عن سيادته وثروته النفطية والغازيّة.
ثالثاً : الإعلان ان لبنان يعطي المفاوضات فرصة اقصاها آخر شهر حزيران الجاري للتوصل الى اتفاق حول ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وفلسطين المحتلة .
رابعاً : التأكيد على ان لبنان ، حكومةً وشعباً ، لن يتوانى عـــن مواجهة اعتـــداء " اسرائيل " على حقوقه السيادية بإستخدام القوة في إطار معادلة الشعب والجيش والمقاومة .
خامساً : التعجيل في التعاقد مع شركات مختصة للتنقيب عن النفط والغاز في الرقع Blocks الكائنة على طول الساحل اللبناني وليس في جنوبه فقط.
بهذه المواقف والتدابير العملية تتمكن القوى الوطنية الحيّة من مواجهة العدو الصهيوني وحماية سيادة البلد وثروته النفطية والغازية .I