في شهر اب من العام ١٩٧٦ ، دخلت لاول مرة الى مكاتب جريدة السفير، وشاءت الصدفه ان تعرفت ساعتها الى الاستاذ طلال، وقدمت له اولى مقالاتي، وكانت بعنوان" وجهة نظر حول الطائفية في لبنان".
رحب بي وابدى الاستعداد لنشر المقال في صفحة الرأي، وتم نشر مقالتي،التي شكلت مدخلا للتعرف والتواصل مع نخبة من الشرائح اللبنانية المثقفة التي وقفت ضد الحرب الأهلية في لبنان والدعوة لايقافها.
استمرت العلاقة مع الاستاذ طلال بجملة لقاءات.نتبادل الرأي وتحليل الوضع، وكنت كلما ادخل عليه في مكتبه، يبادر الى القول: اهلا " بالأخوت" لانني كنت اختلف بالرأي مع الجميع، واتخذ موقفا عنيدا وصلبا ضد الحرب اللبنانية القذرة.
اخر مرة التقيت به ، بعد مرور اشهر على الحرب في سوريا.جلسنا انا وهو وعدد من الاصدقاء من المحررين ، واخرين من خارج طاقم الجريدة.
في هذا اللقاء حصل سجال حاد بيني مع بقية الموجودين حول الحرب في سوريا، لأنني كنت ادين الحرب بشدة، واشكك بكل من اججها وعمل على تفجيرها ، واحذر من تداعياتها الخطيرة على الامة كلها.
كنت مصر ا على انها حرب ضد سوريا. وليست لتغيير النظام ، وانها تصب في خدمة المشروع الاميركي لاعادة تقسيم جغرافية المنطقة اولا ، والسيطرة على كل مفاصل القوة الكامنة لدى امتنا.
ذهب كل منا في طريقة....استمرت الحرب هذا الكم من السنوات...تقطعت اوصال سورية... قتل و شرد القسم الاكبر من شعبه...ولا تزال تداعيتها المرة مستمرة.
قد نرحل جميعنا، و لم نتمكن من امتلاك وعي اخر، وعي عقلاني وعلمي وجذري، و ما زلنا نقيس الامور بسطحية مفرطة . ونتناول دائما السطح السياسي دون الغوص في العمق، في بنى المجتمع المتخلعة والمفككة.
رحم الله الاستاذ طلال...ولنتعلم من الدروس الكثيرة والعميقة، ولنبادر جميعنا الى المزيد من التواصل والحوار..لأن امتنا المهزومة بحاجة الى جهد كل منا لانقاذها والمساهمة في بلورة مشروع قومي نهضوي تحرري ينتظر مفاعيله كل طفل عربي يحلم بالتحرر والتقدم. الوحدة.