البلد جثة هامدة بدأت بالتحلل ، رائحة العفن تملأ أرجاء الوطن ، المفارقة أنهم لا يريدون دفنها ، رائحة العفن والتحلل بات بزكم الأنوف ، لا يريدون دفن الجثة، ما زالوا مصرين على تقاسمها ، سامي الجميل يقولها بصوت عال وبصريح العبارة ، سنلجأ للحماية الذاتية لحصتنا من الجثة.
إنها عملية تقاسم وتقسيم سبق ان راودت أحلام بعض اللبنانيين ، لكن هذه المرة سيجري تقاسم الجثة.
مشكلة الطبقة السياسية التي أوصلت البلاد إلى ما هي عليه ، أنها تعرف هذه الحقيقة المرة ، لكنها ترفض الإقرار بها ، وفي ذات الوقت ترفض دفن الجثة قبل إستكمال تحللها و إنتشار أوبئتها وفيروساتها عموم أنحاء البلاد .
حالة الإنكار هذه تفاقم الأوضاع ، بإنتشار الروائح والأمراض والأوبئة،ولن تفيد كل محاولات الترقيع في إعادة إحياء هذا الميت الذي تسببوا بموته،الجميع يتهرب من عملية الدفن لكي لا تُلقى المسؤولية عليه منفرداً، هي مسؤولية جماعية، الجميع شارك وساهم بها بشكل مباشر وغير مباشر .
الطوائف قتلت لبنان ، ولا أحد منها مستعد للإعتراف بالجريمة ، وحده التاريخ سيشهد على وقائع الجريمة،ويسمي المجرمين بأسمائهم.
ليست المرة الأولى التي توصل فيها الطوائف الوطن إلى التفكك، سبق أن أوصلوه عام 1975 عندما أنتجوا الحرب الأهلية، في الطائف ذهبوا مجدداً إلى تقسيم الغنيمة إستدراكاً لتحولها إلى جثة .
الآن إنتهى الطائف رغم محاولات بث الحياة فيه من جديد ، موازين القوى الناشئة والإرتهان لمشاريع خارجية لن تسمح بإعادة التوزيع للفضلات، الإختلال الفاضح في بنية المجتمع نحتاج إلى معجزة ، وربما إلى مسيح جديد ليحيي الموتى.
أضحى الوطن مغارة لصوص لأبالسة الطوائف، و أبالسة سرقة المال العام ، وسرقة عرق جبين المواطنين وودائعهم التي إئتمنوا عليها ، لطالما حلمنا بأن يتحول البلد إلى وطن ، أصروا على إبقائه طوائف و إقطاعيات طائفية مرتهنة للخارج.
سعينا لأن نكون مواطنين، و أصروا على كوننا قطعاناً،حولوا الوطن إلى لقيط يهرب الجميع من إدعاء أبوته هروباً من المسؤولية.
سيموت اللبنانيون جوعاً وفقراً وإنعدام خدمات، بإستثناء جمعية دفن الموتى التي سيزدهر عملها في نقل الجثث، حية أو ميتة.
لا دواء لأمراض مستعصية أو أمراض عادية، وربما لا رغيف خبز يسد رمق الجوعى، ولا مدارس ولا عام دراسي.
أيها اللبنانيون،الموت، ثم الموت، ثم الموت جوعا ما ينتظركم ، هذا ما جنته أيديكم عندما أعدتم مراراً إنتخاب ذات الطبقة السياسية الفاسدة بإنتخابات الغرائر ، وورقة المئة دولار .