سيْل من الأسئلة يطرحه المحللون الإستراتيجيون عما سيكون عليه واقع " إسرائيل " بعد إنتهاء الحرب في غزة.
لا شَكّ أن "إسرائيل" لن تكون هي ذاتها بعد الحرب على غزة ، فالصفعة لا بل اللكمة شبه القاضية التي تلقّاها المستوى العسكري تُعتبر لكمة مصيرية، لا سيّما أن المستوى العسكري الذي تعرّض لهذه اللكمة فشل في ترميم الصورة التي إهتزّت كثيراً وستحفر عميقاًز في ضمير ووجدان المؤسسة العسكرية لمدى زمني طويل، وسيكون له تأثيرات نفسية على الجندي الإسرائيلي يصعب تجاوزها، ما يجعله مهزوم سلفاً في أي مواجهة مستقبلية قد تقع مع المقاومين.
وكما على المستوى العسكري كذلك على المستوى السياسي، هذا المستوى الذي يبني كل آماله على الجيش الذي قيل فيه أنه جيش بُنيَ له دولة.
النقطة الثالثة التي لا تقل أهمية هي المستوى الإجتماعي الذي فقد الثقة بالمستويين السياسي والعسكري، وهذا يُهدد بقاء هذا المستوطن الذي جاء على قاعدة معايير أمنية و إقتصادية مضمونة ليستفيق على إهتزاز هذه البنية .. فما الذي سيبقيه في الكيان إزاء هذا الواقع ؟؟.
لقد حاولت "إسرائيل"إستدراك الهزيمة المحتملة التي تعرضت لها بالإستعانة بقوى إستعمارية دولية هرعت لنجدتها بكافة السبل، إما بالإنخراط الجزئي بالميدان، وإما بالدعم السياسي والمالي والمعنوي واللوجستي والإعلامي، رغم ذلك عجزت إسرائيل عن ترميم صورتها التي إهتزت، وعن تحقيق أي من العناوين السياسية والعسكرية التي وضعتها عنواناً لمعركتها، وسقوط فرصة إستعادة الصورة وترميم ما تم تدميره من هيبتها رغم المجازر الكبرى التي إرتكبتها بحق المدنيين.
لقد ضاق العالم ذرعاً بالمجازر التي إرتكبها هذا الكيان رغم النازية التي أظهرها، وهو إن قدّم لهذا الكيان الدعم بداية، وتبنى السردية الإسرائيلية ، إلا أنه لم يستطع تحمّل حجم هذه المجازر التي فاقت التوقعات، و إستطراداً تفوّقت النازية الجديدة التي مارستها النازية الهتلرية.
النقطة الأهم في مرحلة ما بعد غزة يبقى السؤال عن فقدان الدور الذي أُنيط بهذا الكيان كرأس حربة للمشروع الإستعماري الغربي، وقد حرص الغرب أن يجعل من هذه القلعة العسكرية متفوقة على عموم دول المنطقة، لكن ماذا يتبقّى من هذا الدور بعد أن هزمها تنظيم من بضعة آلاف من المقاتلين وليس دولاً، فهل ما زالت "إسرائيل"قادرة على لعب الدور الوظيفي الذي إنوجدت من أجله ؟؟هنا يبرز سؤالاً جوهرياً وهو أنه إذا فقدت إسرائيل دورها الوظيفي وهو مبرر وجودها ، فهل تستطيع البقاء بعد فقدان هذا الدور، لا سيّما أنها فشلت في إسقاط غزة رغم المجازر، كما فشلت في تهجيرها ولتعيد الإعتبار للمقولة التاريخية أرض بلا شعب لشعب بلا أرض.
هذه الأسئلة التي بدأت تُطرح لدى كبار المحللين ومنهم صهاينة بدأوا يقرون بفشل المشروع الإستيطاني في فلسطين ، كما فشل في حسم الصراع الإسرائيلي -- الفلسطيني؟؟.
لقد بدأت تتكون قناعة لدى هؤلاء بفشل المشروع الصهيوني في فلسطين، وبدأوا يتحدثون عن ضرورة مغادرة أرض فلسطين، لا سيّما أن خمساً وسبعون عاماً من الصراع مع الفلسطينيين لم يؤد إلى حسم هذا الصراع رغم كافة المحاولات الخبيثة العسكرية والأمنية التي مارستها.
وقالوا أنه تبيّن لهم أن الشعب الفلسطيني متمسك بأرضه ولن يتنازل عنها مهما إرتكب بحقه من مجازر.فهل بلغت " إسرائيل " مرحلة الزوال ؟؟