تحولات إستراتيجية هامة في الحرب التي تشهدها المنطقة في أعقاب الخطوة الجبارة التي قامت بها البحرية اليمنية بإحتجاز سفينة إسرائيلية في البحر الأحمر.
هو إعلان واضح وصريح ومباشر بأن الحركة البحرية في البحر الأحمر باتت ممنوعة على الإسرائيليين، وإذا تدحرجت الأمور فإن حركة الملاحة في البحر الأحمر ستكون أمام علامة سؤال كبرى، لا سيّما أن البحر الأحمر يشكل ممراً أساسياً ورئيسياً لحوالي ثلث التجارة العالمية.
أوجدت الخطوة اليمنية إسرائيل في مأزق كبير، ذلك أن حركةالسفن المتجهة إلى ميناء حيفا باتت معطلة وترفض السفن العالمية الإتجاه إلى هذا الميناء بسبب مخاطر القصف من جهة، وبسبب رفض شركات التامين إصدار بوالص تأمين على البواخر المتجهة إلى هذا الميناء.
أمام هذا الواقع لم يتبق للكيان الصهيوني سوى ميناء إيلات ومدخله البحر الأحمر الذي أقفل بوجهه، ما يعني أن العدو الإسرائيلي أصبح في حالة حصار بحري لن يستطيع تحمله.
قد تُقْدِم الولايات المتحدة على إرسال حاملة طائرات إلى البحر الأحمر تحت عنوان حماية الملاحة الدولية، وحرية حركة الملاحة في الممرات، وهذا سيجعل الولايات المتحدة في حالة صدام مع اليمن ، فهل تتحمل الولايات المتحدة ضرب إحدى حاملات طائراتها، وماذا سيكون مصير بايدن في الإنتخابات إذا ما حصل ذلك ، ناهيك عن البعد المعنوي للولايات المتحدة.
إذا ما حضرت الولايات المتحدة بأسطولها إلى البحر الأحمر فإن الملاحة ستتوقف في البحر الأحمر بسبب الصدام مع اليمنيين ، شلل هذا الممر الدولي سيكون له إنعكاسات سلبية كبرى على التجارة الدولية بإعتبار البحر الاحمر ممراً رئيسياً لحوالي ثلث التجارة الدولية كما أسلفنا ، لا سيّما الإنعكاس على أسعار النفط الذاهب إلى أوروبا، سيؤدي ذلك إلى إرتفاع حاد جداً في أسعار النفط، وربما بشكل جنوني، وسيؤدي إلى كارثة على الإقتصاد الأوروبي المأزوم ويعاني ضعفاً وتضخماً ، كما سيحول دون تصدير النفط الخليجي.
اليمن باتت تُمسك العالم من اليد التي تؤلمه، لن يكون حلاً لهذه الأزمة إلا بوقف الحرب على غزة، وهذا أحد شروط الدولة اليمنية التي أعلنتها .
لا أعتقد أن الولايات المتحدة ستذهب إلى حرب مع اليمن بسبب تداعيات ذلك على التجارة الدولية من جهة، والأضرار الكبرى التي ستتسبب بها من جهة أخرى، في ظل إقتصاد عالمي مأزوم ويعاني ركوداً.
أعتقد أن الولايات المتحدة ستكون مجبرة على الإستجابة للمطالب اليمنية ، وستحاول إبتكار مخرجاً لهذه الأزمة بما لا يُظهرها وإسرائيل مهزومتان.
أما إذا ركبت الولايات المتحدة رأسها وذهبت إلى التصعيد، فإن الأضرار المحتملة لا تُعَد ولا تُحصَى، فإضافة إلى تضرر التجارة الدولية، فإن الحرب ستتوسع وسينخرط بها محور المقاومة مُجْتمِعاً، ما يعني ضرب المصالح الأميركية في الشرق الأوسط ، وكذلك ضرب القواعد الأميركية في المنطقة، ما يعني إرتفاع منسوب الأضرار على الولايات المتحدة من جهة ، و إهتزاز مكانتها العالمية من جهة أخرى وتكريس سقوط الأحادية القطبية من جهة ثالثة.
الولايات المتحدة أمام أحد خيارين كِلاهما مُرْ ، فإما الرضوخ للشروط اليمنية، وإما خسائر كبرى مادية ومعنوية وبشرية إذا ما ركبت رأسها وذهبت إلى الحرب.
أمام هذا الواقع لن تستطيع إسرائيل الإستمرار في حربها على غزة، وهذا يعني إنتصاراً للمقاومة وتحوّلات جيوسياسية وجيو-- إستراتيجة هائلة ، ستطال عموم المنطقة ولن تسْلم منها دول التطبيع.