كمية كبيرة من الأسئلة يطرحها المواطنون وبعض النخب ، عنوانها لماذا لم ينخرط حزب الله حتى الآن بشكل أعلى حتى الآن في المعركة .
عناصر الإجابة على هذا السؤال متعددة.
أولا أن حزب الله منخرط في المعركة منذ اليوم الأول و بوتيرة متصاعدة ويُلحق بالعدو خسائر فادحة . .
بداية ينبغي القول قبل الإجابة القاطعة على هذا السؤال هو أننا نتمزق غيظاً جراء ما يجري في غزة ، و أجزم أن حزب الله أيضاً يتمزق غيظاً بسبب الضوابط التي تحول دون إنخراطه بشكل أعلى مما هو الحال ، لكنه يأخذ في عين الإعتبار بعض الحسابات الحساسة التي تحول دون ذلك ويعمل على تجنبها منذ إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري عام 2005.
صحيح أن الساحات العربية إمتلأت بالجماهير العربية التي صرخت بصوت عال ضد الإجرام الحاصل بحق الشعب الفلسطيني، لكن الحقيقة وما ينبغي مقاربته بشفافية هو أن الموقف الرسمي العربي كان مخزياً، اذ تنطحت 9 دول عربية للدفاع عن إسرائيل داخل مؤتمر القمة العربية والإسلامية، ورفضت إتخاذ أي خطوة جدية لوقف هذه المجزرة، وتبيّن أن بعض الدول تنسّق تحت الطاولة مع إسرائيل، وأن هذه الدول لن تتورع عن الذهاب إلى فتنة طائفية تحت عنوان أن ما يجري هي معركة الشيعة ومعركة إيران.
كان لذلك إنعكاساً مباشراً على تحفّظ حزب الله في الإندفاع أكثر نحو رفع الوتيرة بشكل أعلى وإمكانية تحوّلها إلى حرب إقليمية تُعطي الفرصة لهؤلاء في تحميل حزب الله المسؤولية عنها، وربما تذهب إلى حرب مذهبية سنية - شيعية لا يريدها حزب الله.
من بشائر ذلك أن الشارع العربي قد خفّت وتيرته جراء مجموعة خطوات إتخذتها بعض الأنظمة، منها القمع ومنع التظاهر وصولاً إلى الإعتقال حتى لمجرد تغريدة على الفيس بوك أو تويتر أو ما شابه من وسائل التواصل الإجتماعي.
الملفت أن الحراك الشعبي بقي مجرد ظاهرة صوتية محصورة، ودون أن يتمكن من ترجمة حراكه إلى فعل ميداني،او إحداث أي تأثير على قرارات النظام الرسمي العربي، حتى أن وتيرة الشارع الغربي باتت أعلى من وتيرة الشارع العربي. وإستطاع النظام الرسمي العربي إحتواء حركة الشارع، سواء بالترهيب والقمع أحياناً، أو بالإعلام المناهض أحياناً أخرى، وسلّط بعض النخب ورجال الدين للترويج لموقف معاد للفلسطينيين، وبلغ الأمر ببعض هؤلاء للترويج لمنتوجات أجنبية في وجه دعوات المقاطعة.
لا يمكن لحزب الله أن لا يأخذ هذه المعطيات بعين الإعتبار ، لا سيّما أن بعض الدول التسع كان قد عمل بعضها على الفتنة المذهبية طيلة عُشرية الدم في سوريا وما سميَ بالربيع العربي وجنّد المنظمات تحت هذا العنوان، ولن يتوانى عن تكرار التجربة بدعم أميركي.
لن تتورع هذه الدول عن إثارة حرب مذهبية.جديدة تحت عنوان انها معركة الشيعة ومعركة الهلال الشيعي التي قد طرحها الملك الأردني، وان هذه المعركة تُخاض لمصلحة إيران .
الشعوب العربية هي المعني الأول في إفشال هذه المؤامرة.
ليس فقط من خلال النزول إلى الشارع، وإنما من خلال البقاء في الشارع ليلاً نهاراً، وتصويب البوصلة إلى فعل ميداني بما يتجاوز الظاهرة الصوتية، بإقتحام السفارات الإسرائيلية والأميركية في الدول العربية، والسيطرة عليها،ما يُشعر الأميركي والإسرائيلي بالجدية ،وأنهما سيدفعان ثمناً غالياً لقاء المجازر التي تُرتكب بحق الشعب الفلسطيني.
الحضور الشعبي الدائم في الشارع من شأنه أن يُسقط مؤامرة أَخذْ المعركة لأبعاد مذهبية وطائفية ، ويثبت ان الشعب العربي بكافة طوائفه ومذاهبه موحداً في مواجهة العدوان، إذْ ذاك سيشعر حزب الله بوحدة الموقف العربي والإسلامي،وبسقوط مؤامرة الفتنة التي يمكن أن يعمل عليها البعض مدعوما بماكينة الإعلام الاميركي و أدواته ، عند ذلك سيجد حزب الله نفسه مجبراً على رفع وتيرة تدخله الإستراتيجي ، لأنه سيكون مطمئنا الى عدم نجاح المؤامرة واحداث الفتنة السنية الشيعية .
لا شك ان حزب الله يتصرف بحكمة عالية حتى الآن ، رغم انه منخرط بالمعركة منذ اليوم الاول وبوتيرة متدرجة في التصعيد، ويكبد العدو خسائر فادحة ، ويحجز ثلث الجيش الإسرائيلي من النخبة في شمال لفلسطين ، ويحجز 90 % من الطيران الحربي الإسرائيلي بإعتراف العدو نفسه لمواجهة الوضع في الجنوب ااعل7ن7⁷6ب الله رغم كل شيء ثوابته بمنع سقوط غزة ، ومنع كسر المقاومة مهما كلف الأمر ، تحت طائلة تدحرج الأمور التي وصفها سماحة السيد بأنها مفتوحة على التدحرج ، وانه لن يكتفي بالقدر الذي يقوم به الآن على أهميته .
من المؤكد أن حزب الله سيرفع من وتيرة تدخله لكنه يريد أن يطمئن إلى سلامة الواقع العربي والعجز عن إنتاج فتنة مذهبية يَجْهد منذ سنوات لعدم وقوعها .